تجربة جملون في قطاع النشر في العالم العربي

منذ انطلاقة جملون عام ٢٠١٠، وكان هدفنا هو السعي لكسر الحواجز أمام الانتشار المعرفي بين الأفراد، كانت بداية جميلة في قلب العاصمة عمان تحمل هذا الهدف النبيل، 
مع مرور الوقت اكتسبت جملون ثقة القارئ العربي وثقة المستثمرين وحصلنا على عدة استثمارات من الداعمين لمشروع جملون وقمنا بالتوسع في خدماتنا ومكاتبنا في الأردن ولبنان والإمارات، حيث أغلبية الكتب العربية مصدرها لبنان ومصر والأردن بينما سوقها الرئيسي يكمن في دول الخليج العربي.
تمكنا مع مرور الوقت والجهد من عرض أكثر من ١٠ مليون كتاب عربي وإنجليزي من أكثر من ٢٧ ألف ناشر حول العالم، ما شكل أكبر قاعدة معرفية في الوطن العربي تربط بين الناشر والقارئ..

 خطة عمل جملون ارتكزت على تذليل صعوبات وتكاليف الشحن للكتب في المنطقة العربية وذلك حتى ندعم نمو المبيعات وأخذ حصة سوقية أكبر في سوق بيع وتوزيع الكتب في المنطقة العربية، لذا عمدت الشركة على تحمل نسبة كبيرة من كلف شحن الكتب حتى تزيد مبيعاتنا من الكتب وبالتالي مع زيادة كمية الكتب التي يتم شحنها تقل تكلفة الشحن أملاً بالوصول إلى نقطة تعادل في المشروع بحيث تصبح تكلفة الشحن للكتاب مقارنة مع تكلفة الكتاب نسبة مقدور عليها بالنسبة للقارئ العربي، وكلفنا نموذج العمل هذا ملايين الدولارات من الاستثمارات ومن الجهود التسويقية والعملياتية حتى نستمر، وكنا في كل مرحلة نتابع كيف نقترب من لحظة التعادل مع مرور الوقت وهكذا تمكنا في كل مرة من عرض إنجازات جملون وبالتالي جذب المزيد من الدعم للمشروع حتى نحقق الاستدامة المرجوة.

من ضمن مبادرات جملون لحل مشكلة تكاليف الشحن المرتفعة في الوطن العربي، توجهنا لتجربة نموذج عمل الطباعة عند الطلب وتفعيله في المنطقة، فقمنا بدراسة هذا النموذج وكيف تم تطبيقه في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا والعديد من دول العالم المتقدمة، وبناء على دراسة الجدوى للمشروع، قمنا بتأسيس خط إنتاج لطباعة الكتب عند الطلب في الإمارات العربية المتحدة ، اخترنا الإمارات كون تكلفة الشحن من الإمارات لأي دولة عربية كانت الأمثل بالإضافة إلى الدعم المتوفر للمناطق الحرة في الإمارات والتي تجعل منها المكان الأمثل لعمليات شحن وتوزيع البضائع في المنطقة. بدأ المشروع في العمل في دبي بنجاح، ولكن واجهتنا عقبة في طريق مشروع الطباعة عند الطلب ألا وهي عدم نضوج سوق النشر في العالم العربي للتأقلم مع نموذج العمل هذا، حيث أغلب دور النشر العربية ما زالت حتى الآن تنتهج الطباعة التقليدية للكتب، مع قلة الاستثمارات في هذا القطاع وقلة عدد العقود التي حصلنا عليها من دور النشر في هذا المجال، لم نتمكن من توفير هذا الحل من الطباعة عند الطلب في بقية دول العالم العربي، حيث أن تكلفة توفير خط الطباعة عند الطلب يكلف ما يقارب ١ مليون دولار لكل دولة، وحتى ننجح بتطوير هذا النموذج، تحتاج لإيمان دور النشر به، بالإضافة إلى الحصول على تمويل لتوفيره في كل دولة عربية عدا عن الأنظمة التقنية التي تشبك كل خطوط الإنتاج بشركات الشحن الداخلي في كل دولة.

دخول أمازون للمنطقة العربية واستحواذه على موقع سوق، زاد من الصعوبات التي كنا نواجهها في عملية جذب الاستثمارات، حيث أن شركة مثل أمازون قد توسعت في عدة دول في العالم عن طريق الاستحواذ على موقع الكتب الأكبر في كل دولة، كما حصل في قصة الاستحواذ على موقع جويو في الصين وأصبح أمازون الصين بالإضافة لاستحواذهم على موقع

Book Depository

وغيرهم من مواقع الكتب في العالم.

لكن كان ما تزال هنالك فرصة لجذب أمازون بعد أن تستقر أموره في المنطقة بعد صفقة سوق،

في النصف الثاني من عام ٢٠١٩ ، تغيرت نظرة الشركات الاستثمارية للشركات الناشئة، وأصبحت تطالبها بنماذج عمل ربحية، أثر هذا التغير على الكثير من الشركات الناشئة في العالم وتأثرت عملية جذب الاستثمارات للشركات الناشئة كما اضطرت الشركات الناشئة وجملون منهم لاتخاذ إجراءات تصحيحية لنماذج عملها لتقليل خسائرها وتسريع الاتجاه نحو الربحية، انتهى العام ببدء تحدي وباء كورونا.

مع ظهور كورونا، عانت دول العالم المختلفة من إغلاقات مختلفة وغير منتظمة، أسعار الشحن بدأت بالارتفاع، مما زادت من الصعوبات التي واجهتنا في جملون، حيث أصبح توريد الكتب أبطأ وتكاليف الشحن ارتفعت أكثر! هذه العوامل وغيرها حالت دون إمكانية حصولنا على تمويل إضافي حتى تستمر الشركة وتتمكن من إكمال مسيرتها بشكل منتظم مما اضطرنا إلى إعادة هيكلة الشركة وتقليل عدد الموظفين أملاً في فرج قريب، إلا أن المشاكل استمرت ولم نتمكن من الحصول على التمويل اللازم للاستمرار حتى توقفت عمليات الشركة في شهر ٥ من هذا العام (٢٠٢٢). حاولنا التحالف مع عدة شركاء في المنطقة لضمان استمرار رسالة جملون في كسر الحواجز أمام الانتقال المعرفي في الوطن العربي لكن لم تؤت جهودنا أي نتائج للاستمرار.

نحن شاكرين لكل من آمن برسالة جملون وغايتها من مستثمرين وشركاء ودور نشر وعملاء، ونحن ممتنين لكل من دعمنا ، لم يتم توزيع أي أرباح طيلة فترة عمل جملون حيث أن الشركة كانت تستثمر كل العوائد المالية في دعم نموذج عمل الشركة وبنيتها التحتية حتى تصل لنقطة التعادل التي اقتربنا منها لكنها لم تتحقق كما ذكر سابقاً. إلى عملائنا الكرام، إذا كان لديكم أي استفسارات، بإمكانكم التواصل معنا عن طريق البريد الإلكتروني (jamaloncare@gmail.com